السؤال.. السلام عليكم,,, ليسعني حلمكم لأنه لا يعلم ما بي بعد الله إلا أنتم.
قصتي أنني منذ صغري أفكر بالموت دوما, ولكن الأمر كان بسيطا بالنسبة لما أعاني منه الآن, عندما كنت في أول متوسط كان الجو فيه غبار شديد فضاق صدري ضيقا شديدا مخيفا بصراحة, ذهب بي أهلي إلى المستشفى وأعطوني بخارا, ولكن الدكتور توقف عند أمر يخص قلبي وأصبح يسأل هل أعاني من مرض في قلبي؟
هل أستخدم علاجا؟ وطلب أن أعمل تخطيطا للقلب, ثم حولني إلى دكتور القلب, وذهبت لدكتور وعمل لي تخطيطا للقلب, وقال الأمر بسيط, هناك تعب بالقلب لأنه يبدو أنه سبق أن تعرضت لجرعة بنج زائدة, علما أني عملت أربع عمليات بقدمي، اثنتان بالرياض واثنتان بالأردن, ثم قال لا أصف لك علاجا لأنك لست بحاجة لذلك, ولكن ابتعدي عن العصبية, وعن حمل الأشياء الثقيلة ...الخ.
خرجت وأنا مطمئنة, بعدها بسنتين والأمور بخير ولله الحمد مر علي أسبوع صعب جدا، فقد كنت أشعر بحمل ثقيل على صدري, والكل لاحظ أني لا أستطيع فعل شيء, وقد كنت أتنفس بصعوبة, بعد مرور الأسبوع الذي كان صعبا لا يكاد يوصف رجعت الأمور إلى طبيعتها, مرت كذلك سنتان أو ثلاث وبدأت المعاناة فعلا, وفي ثالث يوم من وفاة الوالدة -بعد مرضها لمدة شهرين وهي في العناية- كنت جالسة على العشاء وأنا ضائق صدري, الكل أجبرني على أن آكل, وعندما كنت آكل شعرت فجأة أنني في حلم بعدها شعرت أنني بحاجه للأكسجين, وشعرت بخدر, واضطراب, وتوتر, فألقيت بالملعقة, وذهبت إلى فناء البيت أبحث عن الهواء, وأكاد أسقط على الأرض, وأشعر أنني في لحظاتي الأخيرة, بعدها بدقائق أصبح الأمر عاديا, واطمأنت نفسي, وأنا على هذا الحال منذ ما يقارب السنة تأتيني الحالة مرة أو مرتين باليوم, تعبت, ولا أحد يعلم ما بي.
أنا صبورة نوعا ما, لم أخبر أحدا إلى الآن وكنت أطمئن نفسي بأن هذه الأعراض تأتي وتنتهي بسرعة, بعد مرور سنة -كما ذكرت- زالت تماما ففرحت وعدت لحياتي الطبيعية, كنت لا أخرج أبدا, أخاف -وخاصة من السيارة- وأقول في نفسي أنا مقيدة, لا أستطيع الهرب, وكيف أتنفس وأنا وجهي مغطى و...الخ, بعد فترة حصل لأخي حادث فظيع لدرجة أني حولت دراستي إلى منازل -يعني أذهب للاختبارات فقط- في الصف الثاني والثالث ثانوي؛ مما أثر على نسبتي, ولم أدخل الجامعة لأن نسبتي لا تقبل إلا في الدبلوم, وقد كانت نفسيتي جيدة في فترة مرض أخي, ولكن بعدها بفترة سقط والدي من منزلنا الجديد من المصعد, وشعرت بضيق لكنه ليس شديدا، ويزداد معي إذا أردت الذهاب لوالدي في المستشفى, أخاف من المستشفى, أخاف أن أصاب بشيء, أخاف من الدخول إليها, لدي عقده منها بسبب أخطائهم الطبية, وإهمالهم للوالدة قبل وفاتها, خرج والدي من المستشفى وعاد للمنزل, وفي يوم من الأيام شكا والدي من ألم شديد في الظهر ومضت تلك الليلة بما فيها، ولكنني بعد الفجر أردت النوم, وكان وضعي طبيعيا, ولم أفكر في تلك اللحظة بالوالد لأنه تحسن والحمد لله, ووضعت رأسي على الوسادة, وفجأة شعرت بخفقان شديد, وحرارة, وتعرق, فعلت كل شيء: دهنت صدري بزيت قرئ عليه, وكذلك دعوت الله أن يحميني, وكنت بوضع سيء, وبعد لحظات أطمأنت نفسي.
بعدها أصبح يأتيني خفقان دون حرارة, أو عرق, أو أي شيء, ولو ذكرت كل ما تعرضت له ما انتهيت, ولكني سأتكلم عن وضعي الآن فأنا أفكر بالموت دائما, أشعر أنه لا هدف لي في الحياة, كل ما أشاهد صاحب همة وعمل أقول في نفسي آخره الموت فلماذا التعب؟ الأمر الغريب فعلا هو أنني أحيانا أشعر بأنني لا أتنفس جيدا, وأضع يدي على فمي لأطمئن أنني بخير وأتنفس، وأجد نفسي أتنفس جيدا، ولكني لا أشعر بذلك, وأخاف وأهرب من المكان الذي أنا فيه حتى يذهب هذا الشعور, عندما أتكلم مع شخص يأتيني هذا الشعور فجأة ويظهر علي, ويقولون لي هل فيك شيء؟ هل أنت متضايقة؟ وأي أحد يوجه لي كلاما أتعب.
ويأتيني شعور لا أدري كيف أصفه, وعندما يطلب مني أي شخص شيئا وأذهب لإحضاره أشعر بذلك وكأني سأموت, وعندما تشتد حالتي أتخيل تخيلات تتعبني كيف شعور صديقاتي لو تلقت خبر وفاتي؟ وكذلك كيف شعور أهلي؟ الأفكار أتعبتني, لأني لا أخرج من المنزل, وكل يوم أشعر بأعراض مختلفة ساعة رأسي, وساعة يدي, وساعة قلبي, هذا غير المشاكل في البيت, وغير عداوة الناس لنا, وهذا الأخير ليس وجهة نظري فقد تقول لي إنني أقول هذا لأني مريضة فأقول لك أهلي كلهم يقولون هذا أيضا, لا يزورون أحدا إلا إذا دعوا, لأن الكل سبق وأن آذانا: والدي, وأعمامي, وخالاتي, مما كان أحد أسباب جلطة الوالدة, وعلى الرغم من ذلك يأتيني شعور بالأمل, والتفاؤل, وأريد أن أصدق هذا الشعور لكني أخاف من هول الصدمة في المستقبل، فما الحل؟
نفع الله بعلمكم وعملكم, ولا حرمكم الأجر.
الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم الأخت الفاضلة/ ديالا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمن خلال الوصف والسرد الدقيق الذي تميزت به رسالتك أقول لك وبكل تأكيد أن حالتك هي حالة نفسية، ولا علاقة لها بالأمراض العضوية، بالرغم من أنه ذُكر لك في فترة الصغر أن لديك تعبا بسيطا في القلب، تعب القلب يكون مستمرًا, ولا يصل لهذه الصورة المتقطعة.
الحالة التي تعانين منها نفسية مائة بالمائة، وتسمى بنوبات الهلع أو نوبات الهرع، وهو شعور مفاجئ بالضيق, والتوتر, والقلق الداخلي، ويكون مصحوبًا بمخاوف أهمها: الخوف من الموت، وبعد أن تنتهي هذه النوبة قد تأتي للإنسان وساوس ذات طابع قلقي أيضًا، وقد تستمر معه لفترات طويلة، وكل هذا يؤدي إلى توترات, وعدم طمأنينة حول الصحة, والسلامة الذاتية، وهذا كله ينشأ منه درجة بسيطة من الاكتئاب النفسي,هذا هو الذي بك، أي نوبات قلق حادة تسمى بنوبات هرع أدت إلى وساوس بسيطة، وكذلك اكتئاب نفسي بسيط.
لا تنزعجي لهذه المسميات, فهذه كلها تعني شيئا واحدا وهو حالة القلق المتقطع الذي يأتيك.
معرفة التشخيص أساسية كما تفضلت، وذلك انطلاقًا من أن الإنسان إذا عرف ما هي مشكلته؟ وما هي طبيعتها؟ وما به؟ هذا في حد ذاته يشكل جزءا كبيرا جدًّا من العلاج.
هذا النوع من النوبات القلقية الحادة, والتي تتميز بوجود الوساوس والمخاوف، يعالج عن طريق علاج دوائي ممتاز جدًّا يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) ويسمى علميًا باسم (إستالوبرام) وهو من الأدوية السليمة, والمعروفة وشائع الاستعمال لعلاج مثل هذه الحالات.
جرعة البداية هي أن تبدئي بعشرة مليجرام، تناوليها يوميًا، يمكن أن تتناولي الدواء في فترة النهار، لكن إذا سبب لك أي نوع من النعاس أو الاسترخاء الزائد فيكون تناوله ليلاً بعد الأكل, استمري على جرعة العشرة مليجراما لمدة شهرين، بعد ذلك ارفعيها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - واستمري عليها لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء بالكلية, هذا هو العلاج الدوائي، وهو علاج ممتاز وفعال, وسوف يفيدك كثيرًا، وعليك أن تصبري على تناوله، لأن فائدته العلاجية لا تظهر إلا بعد أربعة أسابيع من بداية العلاج.
الجوانب العلاجية الأخرى هي أن تتجاهلي هذا القلق، أن تحقري الأفكار الوسواسية، أن تناقشي نفسك، أن تدخلي على نفسك أفكارا جديدة مخالفة لفكر المخاوف والوساوس، وأن تغيري نمط حياتك، وذلك من خلال الاستفادة من وقتك، فلا بد أن تكون لك أنشطة داخل المنزل، وانضمامك لمركز ثقافي, أو أحد مراكز تحفيظ القرآن سوف يفيدك كثيرًا، لأن التفاعل الاجتماعي من الأشياء الضرورية جدًّا للقضاء على القلق والتوتر.
ثالثًا: عليك تطبيق تمارين الاسترخاء؛ حيث إن هذه التمارين مفيدة جدًّا في علاج قلق المخاوف والوساوس، ولتعلم هذه التمارين يمكنك أن تتحصلي على CD أو كتيب أو شريط من أحد المكتبات الكبرى، أو تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
الخوف من الموت هو جزء من نوبات الهلع ونوبات الهرع، وإن شاء الله تعالى بتناول الدواء الذي ذكرناه, والتطبيقات السلوكية سوف تجدين أن هذا الخوف قد أصبح خوفًا طبيعيًا؛ لأن الموت في الأصل لابد أن يخاف الإنسان منه، وذلك حافز أساسي لأن يستعد الإنسان لآخرته.
أريدك أن تكون لك نظرة إيجابية حول أسرتك، وحاولي أن تتقبلي أهلك كما هم، لا كما تريدين أن يكونوا، قبولك لهم كما هم يساعدك على عدم التوتر والقلق، وفي نفس الوقت يحسن من علاقاتك بهم، ويتيح لك الفرصة من أجل المساهمة في تطوير الحياة الأسرية, وتنقيتها من الشوائب.
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، وإن شاء الله تعالى سيكون المستقبل مشرقًا بالنسبة لك.
كما ننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية (272641 - 265121 - 267206 - 265003 ) ففيها مزيد فائدة.
وبالله التوفيق.
الكاتب: د. محمد عبد العليم
المصدر: موقع إسلام ويب